اختتمت في عمان أعمال الندوة الإقليمية حول" الأطر المؤسسية لعمل المحاكم والمجالس الدستورية" التـي نظمتها المحكمة الدستورية بالتعاون مع برنامج حكم القانون في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا – مؤسسة كونراد أديناور، والتـي شارك فيها رؤساء وأعضاء كل من المحكمة الدستورية العليا في جمهورية مصر العربية، المحكمة الاتحادية العليا في العراق، المجلس الدستوري اللبناني، المحكمة الدستورية المغربية، المحكمة الدستورية العليا في دولة فلسطين، وأمين عام إتحاد المحاكم والمجالس الدستورية العربية.
وتمحورت النقاشات خلال جلسات الندوة حول صلاحية تفسير الدستور وحدودها، واختصاص المحاكم والمجالس الدستورية في المنازعات الانتخابية في ظل مبدأ الفصل بين السلطات، وآلية تعيين أعضاء المحاكم والمجالس الدستورية والحصانات التـي يتمتعون بها، واختصاصات المحاكم والمجالس الدستورية ومناقشة التوصيات الختامية من خلال أوراق عمل قدمت من قبل المشاركين.
وخلصت الندوة إلى التوصيات التالية:
أولا: على صعيد تفسير الدستور وحدود وضوابط التفسير
- إن نهج التفسير التكاملي لنصوص الدستور يعتبر من أهم المناهج التفسيرية، القائم على اعتبار النصوص الدستورية والمعاني التـي تتولد عنها وحدة عضوية متكاملة، مترابطة تشكل نسيجاً متآلفاً متماسكاً.
- ضرورة الاستناد في تفسير نصوص الدستور الى المبادئ الدستورية المستقرة والتـي يُعبر عنها بــــ "الكتلة الدستورية" لتشكل القواعد والمرجعيات الواجب الاستناد اليها في عملية التفسير.
- التأكيد على أن عملية تفسير نصوص الدستور تختلف بالضرورة عن قواعد تفسير باقي التشريعات، باعتبار النصوص الدستورية مبادئ دستورية لا قواعد قانونية، وعليه فإن المبادئ الدستورية تتكامل ولا تتعارض أو تتنافر فيما بينها.
- الاهتمام بإعداد دراسات متخصصة تتضمن بيان الضوابط والمعايير والنُهج العلمية لتفسير النصوص الدستورية منعاً لأي خلط بين نهج وآليات تفسير الدستور وغيره من النصوص التشريعية.
- التأكيد على أن يكون تفسير الدستور اختصاص أصيل للمحاكم والمجالس الدستورية للحيلولة دون تفسريها من السلطات التنفيذية والتشريعية بغية توحيد الاجتهادات الخاصة بتفسير نصوص الدستور.
ثانياً: على صعيد اختصاص المحاكم والمجالس الدستورية في المنازعات الانتخابية في ظل مبدأ الفصل بين السلطات.
- التأكيد على أن إسناد أي اختصاص للمحاكم والمجالس الدستورية يجب ألا يخالف مبدأ الفصل بين السلطات.
- أن لا يتم إقحام المحاكم والمجالس الدستورية بما يخص الشؤون التنظيمية الخاصة بالانتخابات وكذلك مراحل العملية الانتخابية، بإعتبار ذلك شأناً تنظيمياً تنهض به المؤسسات الوطنية ذات العلاقة من هيئات مستقلة أو جهات قضائية.
- قصر الاختصاصات التـي يتم إسنادها للمحاكم والمجالس الدستورية فيما يتعلق بالعملية الانتخابية على الطعن في نتائج العمليات الانتخابية وكذلك بصحة العضوية أو التصديق على النتائج النهائية.
- تخضع القوانين الانتخابية للطعن بعدم الدستورية شأنها شأن باقي القوانين الأخرى، ويقع على عاتق المحاكم والمجالس الدستورية أن تجري الموازنة بين الحقوق والحريات ومبدأ الفصل بين السلطات.
ثالثا: على صعيد آليات تعيين أعضاء المحاكم والمجالس الدستورية والضمانات والحصانات التـي يتمتعون بها.
- العمل على تعزيز الأطر المؤسسية الناظمة لعمل المحاكم والمجالس الدستورية - ولا سيما آليات التعيين والحصانات - يتناسب طردياً مع استقلال المحاكم والمجالس الدستورية.
- على الرغم من وجود تباين في التجارب والممارسات الوطنية في آليات التعيين والحصانة التـي يتمتع بها أعضاء المحاكم والمجالس الدستورية، الا أن هناك حد أدنى من الجوامع المشتركة التـي تشكل محاور للنقاش والتطوير المستمر والاستفادة من التجارب المقارنة.
- العمل على تعزيز الحصانات والضمانات التـي تتمتع بها المحاكم والمجالس الدستورية سواء على صعيد الأعضاء أو على الصعيد المؤسسي لما له من دور في تعزيز القدرات المؤسسية والفنية للمحاكم والمجالس الدستورية.
- التأكيد على منح المحاكم والمجالس الدستورية الولاية التامة والكاملة في إدارة كافة شؤونها المالية والإدارية والفنية دون أي تدخل من أي سلطة أخرى وتعزيز مكانة المحاكم والمجالس الدستورية بين كافة السلطات باعتبارها سلطة تحمي وتحرس الدستور.
- العمل على تكثيف الادبيات التـي من شأنها أن تتضمن القواعد الارشادية النموذجية في مجال الحصانات وأليات التعيين وكل ما يتعلق بها من أطر زمنية وشروط عضوية.
رابعاً: على صعيد اختصاصات المحاكم والمجالس الدستورية
- أثبتت التجارب قدرة المحاكم والمجالس الدستورية على صيانة المبادئ الدستورية والحفاظ عليها في ظل ما يشهده العالم من تطور متسارع قد يؤدي ببعض السلطات للخروج عن اختصاصاتها الدستورية فيغدوا دور المجالس والمحاكم الدستورية محورياً وجوهرياً في هذا الإطار.
- التوسع المدروس في توسيع اختصاص المحاكم والمجالس الدستورية على ضوء التجارب الناجحة في ممارسة بعض الاختصاصات ولا سيما في مجال: الفصل في الطعن بصحة العضوية او النتائج النهائية للعملية الانتخابية، وتفسير نصوص القوانين، والنظر في دستورية الاتفاقيات الدولية، والفصل في المنازعات بين السلطات والفصل في المنازعات بين الهيئات القضائية من جهة وبين الهيئات القضائية والجهات ذات الاختصاص القضائي من جهة أخرى، والاختصاصات الأخرى في الدول الاتحادية في الفصل في القضايا الناشئة عن تطبيق القوانين الاتحادية وغيرها من مسائل تتعلق بالنظام الاتحادي.
- العمل على تنفيذ دراسات متخصصة حول تقييم المحاكم والمجالس الدستورية في ممارسة العديد من الاختصاصات المستحدثة وعائدها على تحقيق اهداف القضاء الدستوري من حيث تعزيز الحقوق والحريات والحفاظ على المبادئ الدستورية وتحقيق الامن والعدالة الدستورية.
خامساً: على صعيد الإطار المؤسسي العام
- العمل على تعزيز مكانة المحاكم والمجالس الدستورية بين كافة السلطات والهيئات على الصعيد المحلي باعتبارها المؤسسات المختصة بحماية الحقوق والحريات واعتبارها ضامن وحافظ للمبادئ الدستورية.
- العمل على تبادل التجارب والممارسات الفضلى على الصعيد الإقليمي من خلال اتحاد المحاكم والمجالس الدستورية العربية والعمل على عقد لقاءات مماثلة تعالج أخر المستجدات على صعيد القضاء الدستوري.
- التأكيد على ضرورة تطوير برامج ونشاطات مشتركة للاطلاع على التجارب والاستفادة منها على مستوى الأمانة العامة للمحاكم والمكاتب الفنية أو هيئات المفوضين.
- العمل على مواكبة المحاكم والمجالس الدستورية لكافة متطلبات ووسائل الذكاء الاصطناعي، وادماج نهج العدالة الرقمية في منظومة عمل المحاكم والمجالس الدستورية لمواكبة المستجدات والتطورات العالمية بهذا الخصوص.
- العمل على نشر التوصيات على كافة أعضاء اتحاد المحاكم والمجالس العربية.